الأحد، أغسطس 30، 2009

بسم الله الرحمن الرحيم من ثمرات امتثال أوامر الشرع تزكية النفس ، وبلوغها غاية الكمال الإنساني . وكلما كان الإنسان لربه أتقى كان قلبه أنقى ، وسلوكه أهدى ، وحاله أقوم . وهذا الكمال الإنساني إنما يحصل بالعلم الشرعي ، والعمل الصالح . وهو ما يفسر لنا انقلاب حال الصحابة بعد إسلامهم إلى الحال التي بلغوها من السمو الروحي ، وصدق الإيمان ، وقوة الإيثار ،واستقامة الأحوال ، وعلو الأخلاق ، وعظمة السيرة . ولذلك وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بقوله : « خَيْرُ أُمَّتِى قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » وقوله صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى ، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ » وحينما قال رجل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " ما بال خلافة أبي بكر وعمر ( رضي الله عنهما )كانت صافية ، وخلافتك أنت وعثمان (رضي الله عنه ) منكدرة ؟ أجابه بقوله : " لأني كنت أنا وعثمان من أعوان أبي بكر وعمر، وكنت أنت وأمثالك من أعوان عثمان وأعواني " إنه جواب مبني على إدراك أمير المؤمنين لهذه الحقيقة ، وهو الأمر الذي يجب علينا إدراكه إذا أردنا أن نفهم أسباب وجود كثير من المظاهر السلبية في جنبات المجتمعات الإسلامية . إنه الجهل بالله وعدم تقديره حق قدره ، والجهل بشرعه الذي أنتج خللا في الاعتقاد ، ونقصا في الإيمان ، وضعفا في التعبد ، وانحرافا في السلوك ، وانحلالا في الأخلاق ، وتطرفا في المواقف . إن ذلك الجهل لا يقتصر أثره على صاحبه بل يتعدى أثره إلى البناء الاجتماعي ، ومكونات المجتمع مما يؤثر على تماسكه، ويزعزع وحدته ، ويحدث فوضى عارمة تزلزل وحدة النسيج الاجتماعي . إننا إذا كنا نشكو من التطرف في جانبه الغالي ، وتعاظم خطره ،وشدة أثره على البلاد والعباد ، فإن التطرف في جانب التفريط لا يقل خطره عن التطرف الآخر ، والفرق بينهما أن تدمير الأول لكيان المجتمع ظاهر وسريع ، وتدمير الثاني له بطيء وعميق . وهو ما يستدعي من أولي الأمر ، وأهل العلم ، وأصحاب الأقلام ، وقادة الرأي أن يهبوا يدا واحدة لدفع غائلة الشر عن المجتمعات الإسلامية ، وحفظ مكوناتها من التفكك والفوضى ، وتدارك الأمر قبل فوات الأوان . د . إبراهيم بن عبد الله الزهراني diaa45i7@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق