الأحد، أغسطس 30، 2009

صعود الجبال النفس الإنسانية الراشدة مفطورة على طلب راحتها ، وتحقيق سعادتها . ولذلك تقوم بالسعي الحثيث في مناكب الأرض ، وتبذل الجهد من أجل تحصيل أسباب سعادتها ، والوصول إلى غايتها . وقد قال المولى في بيان ذلك {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ }البلد4 ومهما كان السعي شاقا ، ومهما بلغ النفس بسببه من عناء ومشقة ، إلا أن النفس الإنسانية العاقلة تدرك أن ذلك السعي وتلك المشقة هما سبب السعادة ، وثمن الراحة التي تطلبها . قال الشاعر ابن مقبل : وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغى العيش أكدح وقال آخر: ومضت بشاشة كل عيش صالح وبقيت أكدح للحياة وأنصب إن مفارقة الأهل ، والغربة عن الأوطان ، والصبر على شظف العيش ، وضيق الحياة ، وشدة الدهر ، ومضائق الطريق كثيرا ما تلازم طالبي السعادة ، والراغبين في تحقيق أهدافهم ، والوصول إلى غاياتهم . وإن القناعة بهذه الحقيقة ، والتسليم بهذه القاعدة تحمل الإنسان على عدم الضجر مما يلقاه في طريقه من عقبات ، وتعلي فيه الهمة ، وتربي فيه روح التحدي ، وتدفعه إلى السير في الطريق مهما طال ، وتجاوز العقبات مهما كثرت ، وعدم اليأس من الوصول غايته مهما تكاثرت الصعاب . إن النفوس العظيمة لا تبخل بالعطاء ، ولا تضن بالبذل ، ولا تتكاسل عن بذل الجهد من أجل تحقيق تطلعاتها ، والوصول إلى غاياتها . وقد قال الشاعر أبو القاسم الشابي : ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر إن مما يحز في النفس أن نرى بعض شبابنا قد عضهم الدهر بنابه ، مع ما هم فيه من قوة في البدن ، وصحة في الجسم ، وتوفر فرص العمل ، إلا أن ضعف هممهم ، وكسلهم عن القيام بمتطلبات العيش الكريم أوقعهم في العيش بين الحفر . ولا ينقضي العجب من حال بعض شبابنا حينما تتطلع أعناقهم ، وتتشوف نفوسهم إلى وظائف لا يملكون مؤهلاتها ، ولا تتوفر فيهم شروطها معتمدين في ذلك على آبائهم ومعارفهم ، فإذا ما عجز أولئك الآباء والمعارف عن تأمين تلك الوظائف لأولئك العاجزين الكسالى أصبحوا ملومين ومقصرين وسببا في ضياع أؤلئك العاجزين !!؟ ولله في خلقه شؤون . د . إبراهيم بن عبد الله الزهراني Diaa45i7@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق