- فإذا كان العمل من أعمال الآخرة ، فعلى العامل أن يلاحظ فيه شرطه الشرعي ؛ وهو أن يكون 1) مسبوقا بإيمان ٍ صحيح ، 2) ونية صالحة ، 3) وأن يكون العامل متابعا فيه للرسول صلى الله عليه وسلم .
إن الخطورة في إهمال ملاحظة هذه الشروط في عمل الآخرة تتمثل في :
(1) أن من عمل بلا إيمان صحيح ، جعل الله عمله يوم القيامة هباء منثورا . قال تعالى : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً [الفرقان : 23]
(2) ومن عمل عملا لم يكن خالصا لله ، ولا مريدا به وجه الله سبحانه وتعالى وحده ، تركه الله وشركه . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ ؛ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِى غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ».
(3) ومن لم يكن متابعا للرسول صلى الله عليه وسلم في عبادته ، كان عمله مردودا عليه . عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها - قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ».
- وإذا كان العمل مرادا به تحصيل أمر دنيوي ، فعلى العامل أن يلاحظ فيه :
1)تحصيل النفع لنفسه .
2) والإحسان إلى الخلق .
وكل عمل لا يتحقق فيه النفع للنفس ، أو الإحسان للخلق ، فهو عبث ، والعقلاء ينزهون أنفسهم عن العبث .
إن العمل يخرج به الإنسان من مقتضيات الراحة ، وينفق فيه وقته وجهده ، فإن لم يكن العمل مفيدا للنفس أو للغير ، كان الإنسان متعبا لبدنه ، ومنفقا لوقته فيما لا خير فيه ، وليس ذلك إلا دليل على السفه وقلة العقل ، وأي عبث أعظم من ذلك ؟!
وتحصيل النفع للنفس يكون بجلب ما فيه مصلحة لها ، ودفع ما فيه مفسدة .
إن من أعظم النفع للنفس أن يتحقق وجودها واستقلالها ؛ لأن الإنسان إما أن يكون مستقلا بنفسه ، معتمدا على كسبه ، أو تابعا لغيره .
والاعتماد على النفس يجعل الإنسان قادرا على إدارة شؤون حياته ، واتخاذ قرارته بعيدا عن تأثير الناس فيما يختاره ويرتضيه ، وبالتالي يكون محققا لوجوده على سبيل الاستقلال والحرية ، بعيدا عن أسباب الذلة والخنوع .
ولذلك فإن على الإنسان أن يختار من الأعمال ، ما يحقق له النفع الذي يستغني به عن غيره .
فكل ما يعود على النفس بالعلم النافع لها في معاشها ، والترقي في مسارات الحياة ، وعمارة الكون ،فهو من العمل النافع .
وكل ما يكسب الإنسان قوة في بدنه ، وزيادة في رزقه ، ويجلب الراحة لقلبه وروحه ، فهو من العمل النافع .
وعلى الإنسان أن يلتفت إلى شرط الشارع في العمل النافع ، وهو :
1) أن المرجع في تحديد النفع في العمل هو الشرع ؛ فما كان مشروعا ، كان نافعا ، وما كان محظورا كان ضارا ضررا محضا ، أو ضرره يغلب نفعه .
2) وبناء على ذلك ، فيشترط في العمل الدنيوي المراد تحصيله ، ألا يكون ممنوعا بدليل جزئي (آية أو حديث أو إجماع أو قياس ونحوها) أو كلي ( بأن يكون معارضا لقواعد الشريعة ، أو مقاصدها الكلية ) .
3) وأن يلتزم فيه بالتوازن ؛ يعني ألا يكون الاشتغال بعمل من أعمال الدنيا على حسب عمل آخر أولى منه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق